في عام 2023، تلقّت إحدى الجهات الرقابية بلاغًا من موظف حكومي يتعرض لحملة إساءة وتشويه عبر منصات التواصل، شملت نشر اسمه وصورته ومعلومات شخصية غير صحيحة.
لم يكن يعرف حينها أن ما تعرّض له يُصنَّف قانونًا ضمن التشهير الإلكتروني في السعودية، وأن النظام يمنحه الحق في ملاحقة الفاعل ومطالبته بالتعويض.
في هذا المقال، نستعرض الإطار النظامي لجريمة التشهير الإلكتروني، العقوبات المقررة، حقوق الضحية، والإجراءات القانونية من التبليغ حتى المطالبة بالتعويض.
يمكنك التواصل معنا مباشرة عبر زر الواتساب أسفل الشاشة لطلب استشارة قانونية متخصصة.
جدول المحتويات
ما هو التشهير الإلكتروني في السعودية؟
في أحد المنتديات، كتب مستخدم تعليقًا مهينًا ومُضللًا عن موظف في جهة حكومية، مرفقًا اسمه وصورته.
بعد تداول المنشور على نطاق واسع، تضررت سمعة الموظف وأُثيرت التساؤلات القانونية: ما المقصود بالتشهير الإلكتروني؟
بحسب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي، يُعد التشهير الإلكتروني نوعًا من الجريمة المعلوماتية يتم فيها الإساءة إلى شخص أو جهة عبر الإنترنت بنشر محتوى يُلحق ضررًا بـالسمعة أو الكرامة، سواء عن طريق صور أو مقاطع صوتية أو نصوص.
ويُعامل هذا الفعل كـ جريمة إلكترونية تستوجب العقوبة، خصوصًا عند توافر القصد الجنائي ونية الإضرار بالغير.
النظام القانوني للتشهير الإلكتروني والعقوبات المقررة
رغم الانتشار الواسع لمنصات التواصل، لا تزال بعض التصرفات تتجاوز الخطوط الحمراء قانونيًا، مثل التشهير الإلكتروني.
وهنا يتكرر التساؤل من المتضررين والمهتمين: ما هي العقوبات النظامية على التشهير الإلكتروني؟
بحسب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وتحديدًا المادة الثالثة منه، عقوبة التشهير الإلكتروني هي السجن مدة لا تزيد عن سنة و/أو غرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال، وذلك بحسب جسامة الفعل والضرر الناتج عنه.
ويُطبق هذا النظام على الأفعال التي تشمل نشر معلومات أو صور أو مقاطع تهدف إلى المساس بسمعة الغير عبر الوسائل الإلكترونية.
وتُعد هذه العقوبات جزءًا من الجهود النظامية لحماية الأفراد من الإساءة عبر الإنترنت وتعزيز ثقافة المسؤولية الرقمية.
كما يُمكن للمتضرر التقدّم بدعوى خاصة للمطالبة بالتعويض المدني عن الضرر الحاصل.
حقوق الضحية في قضايا التشهير الإلكتروني
في كثير من القضايا، لا تقتصر آثار التشهير الإلكتروني على الجانب النفسي والاجتماعي فحسب، بل قد تطال الحياة المهنية والسمعة العائلية للضحية.
وهنا يبرز سؤال جوهري: كيف يطالب المتضرر بحقه؟
يملك المتضرر من التشهير الإلكتروني عدة وسائل نظامية لحفظ حقه، تبدأ بتقديم الشكوى الإلكترونية لدى النيابة العامة عبر منصة «أبشر» أو «كلنا أمن».
وتباشر النيابة التحقيق وتحريك الدعوى الجزائية العامة، وقد يُحال الجاني إلى المحكمة المختصة بحسب نوع الجريمة.
أما فيما يتعلق بـالحق الخاص، فللمجني عليه المطالبة بـالتعويض المدني عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، وذلك برفع دعوى أمام المحكمة المختصة تتضمن الأدلة والتقارير التي تُثبت الضرر.
وتُعد هذه الخطوة مكملة للدعوى الجزائية، وتُنظر بشكل مستقل عنها.
إجراءات رفع دعوى التشهير الإلكتروني في السعودية
يتساءل كثيرون عند التعرض للإساءة عبر الإنترنت: كيف يتم تقديم بلاغ أو دعوى تشهير إلكتروني؟
يبدأ تقديم بلاغ تشهير إلكتروني رسمي عبر منصة أبشر أو تطبيق كلنا أمن، حيث تُحال الشكوى إلى النيابة العامة أو الشرطة الإلكترونية حسب الجهة المختصة.
ويجب إرفاق الأدلة الرقمية مثل لقطات الشاشة أو روابط المنشور المسيء.
بعد استكمال التحقيقات، يُحال المتهم إلى المحكمة الجزائية للنظر في الدعوى، ويمكن للضحية – إلى جانب ذلك – رفع دعوى تعويض مدني أمام المحكمة ذاتها.
السوابق القضائية في قضايا التشهير الإلكتروني
من يتابع القضايا القانونية في المملكة كثيرًا ما يتساءل: هل هناك أحكام سابقة صدرت في قضايا التشهير الإلكتروني؟ وما هي أهميتها في ترسيخ العدالة الإلكترونية؟
تُتيح منظومة العدالة السعودية وصولًا إلى مجموعة من الأحكام القضائية الصادرة، عبر منصة نشر الأحكام الخاصة بـديوان المظالم وداخل بوابات مثل «ناجز».
فيمكن الاطلاع على نماذج من تلك الأحكام عبر صفحة “مجموعات الأحكام والمبادئ”.
كما ينص نظام ديوان المظالم في المادة (21) على ضرورة تصنيف وطباعة ونشر الأحكام، وهي مهمة تُنفّذ بواسطة مكتب الشؤون الفنية.
هذا النشر الرسمي يُعد مزية كبيرة للقضاء السعودي؛ إذ يدعم الشفافية القضائية ويتيح للباحثين والمهتمين الرجوع إلى سوابق قضائية فعلية في قضايا التشهير الإلكتروني، مما يعين في استيعاب المعايير التي اعتمدتها المحاكم عند تقييم الأدلة الرقمية وجسامة الأضرار المترتبة على الضحية، ويكسب الدعوى المقبلة عمقًا قانونيًّا أكبر.
الوقاية من التشهير الإلكتروني وحماية السمعة الرقمية
في عصر تتسارع فيه وتيرة المحتوى الرقمي، أصبح التشهير الإلكتروني تهديدًا حقيقيًا لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل يطال أيضًا الشركات والعلامات التجارية.
وهذا ما يطرح تساؤلًا مهمًا: كيف يمكن للأفراد والشركات حماية أنفسهم؟
الوقاية تبدأ من تعزيز التوعية الرقمية لدى الأفراد والعاملين، وتشمل عدة تدابير عملية:
- حماية الخصوصية: من خلال ضبط إعدادات النشر والحسابات الشخصية على المنصات الاجتماعية وتجنّب مشاركة معلومات حساسة.
- التأكد من المصادر: عدم إعادة نشر أو تداول أي محتوى مسيء دون تحقق قانوني أو تقني، لتفادي الوقوع في المسؤولية.
- استخدام أدوات الأمن السيبراني: كبرامج الحماية من الاختراق، ومتابعة تنبيهات إساءة الاستخدام أو سرقة الهوية الرقمية.
- تعيين مختص قانوني أو فريق إدارة السمعة: خصوصًا للشركات، لرصد أي محتوى سلبي أو مخالف واستباق تداعياته.
- التفاعل السريع والمسؤول: في حال حدوث تشهير، يجب توثيق المحتوى فورًا واتباع الإجراءات القانونية كما شرحنا في خطوات رفع دعوى تشهير إلكتروني.
اتخاذ هذه الإجراءات لا يمنع وقوع التشهير كليًا، لكنه يُقلل فرصه ويُمكّن المتضرر من استعادة حقوقه بسرعة وكفاءة.
الأسئلة الشائعة
[QA q=”ما هي عقوبة التشهير الإلكتروني في السعودية لأول مرة؟ ” qfull=”ما هي عقوبة التشهير الإلكتروني في السعودية لأول مرة؟ ” a=”عقوبة التشهير الإلكتروني في السعودية لأول مرة هي السجن لمدة تصل إلى سنة و/أو غرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال، وذلك بحسب جسامة الفعل وتقدير المحكمة.
وفقًا لـ المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.”]
[QA q=”هل يمكن المطالبة بتعويض مالي عن التشهير الإلكتروني؟ ” qfull=”هل يمكن المطالبة بتعويض مالي عن التشهير الإلكتروني؟ ” a=”نعم، يحق للمتضرر المطالبة بـ تعويض مالي عن الضرر النفسي أو المهني أو الاجتماعي الناتج عن التشهير، وذلك ضمن الحق الخاص عبر دعوى مستقلة في المحكمة، ويُشترط إثبات الضرر والأدلة المرتبطة به.”]
[QA q=”كيف أثبت تعرضي للتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ ” qfull=”كيف أثبت تعرضي للتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ ” a=”لإثبات تعرضك للتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي يُنصح بـ:
1- حفظ لقطات شاشة واضحة تشمل الحساب، التاريخ، والمحتوى المسيء.
2- الحصول على روابط مباشرة للمنشورات أو التغريدات.
3- استخدام أدوات التوثيق الرقمية أو إشراك شهود فنيين عند الحاجة.
4- تقديم هذه الأدلة ضمن بلاغ إلكتروني رسمي.”]
[QA q=”هل يتم الصلح في قضايا التشهير الإلكتروني؟ ” qfull=”هل يتم الصلح في قضايا التشهير الإلكتروني؟ ” a=”نعم، يمكن الصلح والتنازل في قضايا التشهير الإلكتروني، وغالبًا ما يُؤخذ به في حال إبداء الأسف من الطرف الآخر والتعويض المناسب.
أما الحق العام فقد يستمر بناءً على تقدير النيابة العامة لطبيعة الجريمة وظروفها.”]
[QA q=”كم تستغرق مدة الفصل في دعوى التشهير الإلكتروني؟ ” qfull=”كم تستغرق مدة الفصل في دعوى التشهير الإلكتروني؟ ” a=”مدة الفصل في دعوى التشهير الإلكتروني هي من 1 إلى 3 أشهر في المحاكم الجزائية، وقد تمتد أكثر في حال تعدد الأطراف أو تعقيد الإثباتات.”]
يمثل التشهير الإلكتروني في السعودية تحديًا قانونيًا واجتماعيًا معقّدًا، يفرض على الأفراد والشركات وعيًا متزايدًا بمسؤولياتهم الرقمية وحقوقهم القانونية.
فالنظام السعودي لا يتهاون مع المساس بالسمعة أو الكرامة عبر الوسائل الإلكترونية، ويمنح المتضررين أدوات قانونية فعالة تبدأ من البلاغ الإلكتروني وتنتهي بالحصول على حكم جزائي وتعويض مدني.
احصل على استشارات قانونية في السعودية عبر زر الواتساب الظاهر أسفل الشاشة، وفريقنا مستعد لمساعدتك.
لقراءة المزيد من المقالات تابع:
ما هي عقوبة نشر الصور بدون إذن صاحبها في السعودية؟
عقوبة الاعتداء اللفظي في العمل السعودية على الموظف في نظام العمل السعودي
عقوبة الافتراء في القانون السعودي: التفاصيل الكاملة والإجراءات

محامٍ ومستشار قانوني سعودي مقيم في جدة بالمملكة العربية السعودية. حاصل على بكالوريوس الشريعة من جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية. هو مؤسس مكتب الصفوة للمحاماة المرخص من قبل نقابة المحامين السعودية لتقديم الخدمات القانونية.










